ووحي الله تعالى لكل أنبيائه ، سمي في القرآن روحاً من أمر الله تعالى ، يقول الله تعالى : { يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ } [ النحل : 2 ]
وجبريل أمين الوحي - عليه السلام - سمي في القرآن روحاً من الله تعالى وذلك في قوله تعالى : { فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [ مريم : 17 ]
وقوله تعالى : {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ } [ الشعراء : 192 ]
وقد سمى القرآن الكريم معونة الله تعالى ، وتأييده ، ونصره للمؤمنين ، عند القتال بالروح منه ، قال الله تعالى : {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ } [ المجادلة : 22 ]
وإذا انتقلنا الي كتب النصارى نجد أن كاتب رسالة يوحنا الأولى [ 4 : 1 ] قد صرح بأن الروح التي هي من الله ليست هي الله وانما هي شخص أو انسان فقال : (( أيها الاحبة لا تصدقوا كل روح ، بل امتحنوا الارواح هل هي من الله ؟ لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم ))
إن قول يوحنا : (( لا تصدقوا كل روح )) يفيد أن الروح شخص ، فهو صادق إذا قامت البراهين على صدقه ، وكاذب إن دلت الأدلة على كذبه .
10_ معجزات السيد المسيح - عليه السلام - :
السيد المسيح - عليه السلام - نبي كسائر الأنبياء - عليهم السلام - دعا قومه إلى الايمان بالله تعالى ، وبين لهم شرائع اختلفوا فيها ، ومنهجاً للحياة السعيدة ، يقول الله تعالى : {وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[ الزخرف : 63 ]
ومع هذه الدعوى إلى الله تعالى : كان لا بد من معجزات تظهر تأييد الله عزوجل لرسوله بدعوته ، وهذه المعجزات تتناسب مع أحوال كل قوم من الأقوام .
والمعجزات المذكورة في القرآن الكريم عن المسيح - عليه السلام - هي :
1 . إبراء الأكمة .
2 . إبراء الأبرص .
3 . إحياء الموتى .
4 . نزول المائدة من السماء .
5 . تصوير الطين ، والنفخ فيه ، فيصبح حياً بإذن الله سبحانه وتعالى .
6 . الإخبار ببعض المغيبات . التي اطلعه الله عليها .
7 . الكلام في المهد .
وكل هذه المعجزات هي بأمر الله تعالى وإذنه ، يقول الله سبحانه وتعالى : { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } [ الرعد : 38 ]
والآيات التي ذكرت تلك المعجزات لم تغفل هذه الناحية ، حيث بينت أن هذه المعجزات هي لإثبات نبوة المسيح عليه السلام وكلها تجري بأمر الله تعالى وتأييده .
يقول الله تعالى : { وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [ آل عمران : 49 ]
ارجو ان نتنبه إلي قوله تعالى : ( بِإِذْنِ اللّهِ ) فهو ينفي أن يكون المسيح فعل ذلك بذاته ، والذي يفعل ذلك بإذن غيره ، يدل على أنه في الأصل هو عاجز عن ذلك ، والإله لا يوصف بالعجز أو صفات النقص ، ومن يوصف بذلك ليس بإله .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إن جميع ما يحتج به النصارى من هذه الآيات - و غيرها - هو حجة عليهم لا لهم ، و ذلك من وجوه منها :-
أن الله لم يذكر عن المسيح خلقاً مطلقاً ، ولا خلقاً عاماً ، كما ذكر عن نفسه تبارك وتعالى ، في كثير من الآيات كقوله سبحانه : { اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } .
وأما المسيح عليه السلام فقال فيه : { وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني } .. الآيات وقال المسيح عن نفسه : { أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيراً بإذن الله } .. الآيات، فلم يذكر إلا خلق شيء معين خاص بإذن الله ،
يتبع باذن الله