سلسله التوحيد العلمى
-"فأرة تتزوج جملاً "
قال ابن القيم "رأت فأرة جملا فأعجبها فجرت خطامه فتبعها فلما وصلت الى باب بيتها وقف فنادى بلسان الحال إما أن تتخذى داراً تليق بمجبوبك او محبوبا يليق بدارك"
وهكذا أنت إما أن تصلى صلاة تليق بمعبودك وإما أن تتخذ معبودا يليق بصلاتك أ.هـ" واضيف الى كلامه إما أن توحد إلها يليق بتوحيدك وإما أن توحد توحيدا يليق بإلاهك .
واكثر الناس توحيدهم لا يليق بربهم . فما قدروا الله حق قدرة بل فى قلوبهم آلهة قد لا يكون معها مكاناً لتوحيد ربهم , وبقدر عظم هذا الإله فى القلوب بقدر صغر إلههم المعبود فى قلوبهم , حتى انك ترى تباينا عظيما فى قدر الله فى قلوب الناس , فمنهم من يعبد إلها عظيماً له الاسماء الحسنى والصفات والافعال المتصفة بالكمال اله على كل شىء قدير, ومن الناس من يعبد إلها يعجز ان يرزق من الاولاد الا اثنين "ولد وبنت " كما يريد اصحاب تنظيم الاسرة اله (أوزى) بل من الناس من إلاهه لا يصلح الا كميدالية يتخذها وِجه أمام للناس .
اخى الحبيب ان اول الدين واخره ان تعرف ربك ومعبودك باسمائه وصفاته وافعاله وان تعرفه من آياته المتلوه وآياته المجلوة , المتلوه من كتابه والمجلوه فى كونه وامرنا بالنظر والتفكر فيها ثم يكون فى قلبك احب اليك مما سواه ثم تسعى الى قربه دون غيره . إن أول ما خطب النبى صلى الله عليه وسلم قال "احبوا الله من كل قلوبهم احبو الله لما يغذوكم به من نعمه " .
انظر إلى وجهك فى المرآه هذا الوجه به أربع أنواع من المياه مياه عذبة ومياه مالحة ومياه مرة ومياه لزجه , وهى من الإحكام بحيث لا يتسرب ماء على ماء كما يتسرب ماء البشر , فى فمك ماء عذب لتسعد وفى عينك ماء مالح لحفظها وفى اذنك ماء مر لدفع الهوام عنك وانت نائم وفى انفك ماء لزج لتنقيه الهواء , تأمل لو تبدل ماء مكان ماء كيف يكون حالك ولن أخوض فى الإعجاز الطبي ولكن أضع التأمل الذى يراه ابسط الناس والذى أمر الله به " فلينظر الإنسان .........فلينظر الإنسان ....."
تأمل كف يدك ينبت الشعر فى ظهرالكف ولا ينبت فى بطنه والأصابع رتبت بحيث يكون الإبهام الأقوى فى مواجهة الباقى ولو تغير ذلك لما استطعت فعل شىء . تأمل لو كان لك عين واحدة وفمان بهما لسانان أو تغيير موضع أنفك واصبح فوق عينك أو ........ أو .............هذا الباب فيه مؤلفات لا يتسع لها المقام , وغاية أمر الله بالنظر والفكر والتأمل هو معرفة الله بأسمائه وصفاته وافعاله ومحبته وطاعته ولكن "وما قدروا الله حق قدره "
لهذا ألحد الملحدون وأشرك المشركون ولجأ المسلمون لغير الله . أورد الله هذه الآية ثلاث مرات الأولى " يا آيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنفذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ما قدروا الله حق قدره " والثانية " الله خالق كل شيء وهو على كل شئ وكيل له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون قل أفغير الله تأمروني أعبد آيها الجاهلون ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضه يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون " والثالثة " وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شىء "
تامل وقارن بين " لن يخلفوا ذبابا ولو اجتمعوا الله " وبين "الله خالق كل شىء " "والارض جميعاً قبضته والسموات مطوبات بيمينه ... واكثر من ذلك ليس الخلق والإيجاد فقط بل بعد الخلق " وهو على كل شىء وكيل" توكل بحفظه ورعايته قارن بين " وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه " وبين "له مقاليد السموات والارض " . سبحانه ما قدروه حق قدره لانهم اعجبوا بعقولهم واعتقدوا أن هذه العقول والعلم والفهم يصل بهم الى حقائق الكون وكان هذا منشأ ضلالهم او كفرهم لان حقائق الكون لا يصلون إليها إلا بالآيات المتلوه او الآيات المجلوه لهذا ارسل الرسل بالآيات المتلوه وامرهم فيها بإعمال العقل فى الآيات المجلوه لهذا كانت الايه الثالثة متعلقة بإرسال الرسل "وما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما أنزل الله على من شىء" , وأنت أخي الحبيب فى سلوكك نصيب من هذه الآية وأنا فما تقدر الله حق قدره فعندما تثق فى قدرتك والاسباب التى تملكها تترك رب الاسباب فما تقدر الله حق قدره وعندما تعجز قدرتك وتسقط الاسباب وتترك رب الاسباب ايضا ما تقدر الله حق قدره .
اكثر الناس يقينهم بان الله على كل شىء قدير اقرب الى الشك وسلوكهم يقول "ان الله على بعض الاشياء قدير " وسلوكهم ان فلان قادر ان يفعل لى كذا وان المال كفيل بان يوفر لى كذا واننى عندى كامل المقدره ان افعل كذا 0 كما فعل جحا فى مقالتى السابقة عن صنم الاسباب وكل ذلك لانهم ما قدروا الله حق قدره , بينما يقول النيى صلى الله عليه وسلم " اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله واليك يرجع الامر كله " نقول نحن الحمد لله ولفلان فعل لى كذا ,ولنفسه فعلت كذا , والملك لله ولفلان ملك كذا ولى ملك كذا,0 والامور لا نرجعها كلها الى الله "انما نرجعها الى الاسباب إلا مارحم ربى .
من واقع هذا السلوك هذه الحكاية من واقع المسلمين لترى الدلالات العملية : "رجل صالح ابنه سيذهب الى الجيش ويريد أن يكون ابنه فى وحدة قريبة من بلده لا ان يكون فى اخر الحدود فجلس الى صاحب له يريد البحث عن واسطه تجعل ابنه بجواره فقال له صاحبه سوف اكلم لك اللواء فلان فهو أعلى رتبه وفعل فإذا بالرجل يفاجأ ان ابنه سيذهب الى وحدة فى آخر الحدود ولم تنفع الواسطة فجلس مهموما فمر به صاحب اخر فساله عن همه فقص عليه فقال له سوف اكلم لك الصول محمد فى التجنيد فهو جعل ابني بجوارى لما حدث لى ذلك لان بيده ملفات المجندين اما اللواء البعيد عن التجنيد فلا يملك ما يملكه من بيده ملفات المجندين , وفعل , فاذا بالرجل يجد ابنه فى اقرب الوحدات الى بيته ففرح , ومن يومها لا يجد رجل سيذهب ابنه للجيش إلا ويوصيه اذهب إلي الصول محمد فى التجنيد فهو الذى بيده ملفات المجندين لقد جربته 0 تأمل من بيده ملفات المجندين .... ومن بيده ملفات العالمين .... من بيده ملكون السموات والارض ... لما جرب دل ودعا الى من جربه واصبح يقينه عليه يقينا لا يخالطه شك . ولو انك دعوت ربك كما دعا زكريا عليه السلام فى مقالتى السابقه "ولم اكن بدعاءك رب شقيا " لكان دعوتك اليه لاتنقطع , ولخفق قلبك بقوله " ان ربى قريب مجيب " " ان ربى رحيم ودود " . " ان ربى قريب مجيب " " ان ربى رحيم ودود " " ان ربى قريب مجيب " " ان ربى رحيم ودود "